فصل: في الشهادة على الشهادة في الزنى

مساءً 8 :25
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في المرأة تقر بوطء رجل زنا ويقول الرجل تزوجتها

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو ان امرأة أقرت على نفسها بالزنى أنها زنت بهذا الرجل وقال الرجل تزوجتها ولا بينة بينهما وأقر بوطئها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وسئل عن رجل وامرأة وجدا في بيت واحد فزعم أنه تزوجها ويقران بالوطء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان لم يأتيا بينة أقيم عليهما الحد فأرى مسئلتك مثل هذا‏.‏

في الزاني بالصبي والصبية والمجنون

قلت‏:‏ أرأيت الذي يزني بالصبية التي يجامع مثلها أو المجنونة أيقام عليه الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الصبية إذا كان مثلها يجامع أقيم الحد على من زنى بها‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع منه في المجنونة شيئا والمجنونة عندي مثل الصبية وأشد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت امرأة زنت بصبي مثله يجامع إلا أنه لم يحتلم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس هو زنا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة تزني بالمجنون أيقام عليها الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أفيحد قاذف المجنون في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في المسلم يزني بالذمية

قلت‏:‏ أرأيت المسلم يزني بالذمية‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يحد الرجل وترد المرأة إلى أهل دينها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان أراد أهل دينها أن يرجموها أيمنعهم مالك من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال يردون إلى أهل دينهم فأرى أنهم يحكمون عليها بحكم دينهم ولا يمنعون لان ذلك من الوفاء لهم بذمتهم عند مالك‏.‏

في الرجل يغتصب امرأة أو يزني بمجنونة أو نائمة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب امرأة أو زنى بصبية مثلها يجامع أو زنى بمجنونة أو أتى نائمة أيكون عليه الحد والصداق جميعا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الغصب ان الحد والصداق يجمعان جميعا على الرجل وأرى المجنونة التي لا تعقل والنائمة بمنزلة المغتصبة ‏(‏وقد قال‏)‏ مثل قول مالك في الحد والغرم علي بن أبي طالب وبن مسعود وسليمان بن يسار وربيعة وعطاء وقال عطاء ان كان عبدا ففي رقبته وقال ربيعة في النائمة ان على من أصابها الحد‏.‏

في الرجل يرتهن الجارية فيطؤها ويدعى الجهالة

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يرتهن الجارية فيطؤها ويقول ظننت انها تحل لي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من وطىء جارية هي عنده رهن أنه يقام عليه الحد قال ابن القاسم ولا يعذر في هذا أحد ادعى الجهالة‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في حديث التي قالت زنيت بمرعوش بدرهمين أنه لا يؤخذ به وقال مالك أرى أن يقام الحد ولا يعذر العجم بالجهالة‏.‏

في هيئة جلد الحد وتجريد الرجل

قال ابن القاسم سئل مالك عن الجلد في الحدود هل يجلد في الأعضاء‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت ذلك‏؟‏

قال‏:‏ وما أدركت أحدا من أهل العلم يعرفه قال ابن القاسم وقال مالك لا يضرب إلا في الظهر‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك يجرد الرجل في الخدود وفي النكال ويقعد قال مالك لا يقام ولا يمد وتجلد المرأة ولا تجرد وتقعد‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وقد كان بعض الائمة يجعل قفة تجعل فيها المرأة فرأيت مالكا يعجبه ذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولقد كانت ها هنا امرأة أخذت وقد جعلت على ظهرها قطيفة أو لبدا‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أفترى أن ينزع مثل هذا‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال ابن القاسم إنما رأيته يرى أن يترك عليها ثوبها وما لا يقيها من الثياب فأما ما يمنع الضرب منها فلا يترك‏.‏

في الرجل يشتري الحرة فيطؤها وهو عالم

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت رجلا اشترى حرة فوطئها وهو يعلم أنها حرة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من اشترى حرة وهو يعلم أنها حرة فوطئها أقيم عليه الحد إذا أقر بوطئها‏.‏

في الشهود في الزنى يختلفون في المواضع

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنى فشهد اثنان منهم أنه زنى بها في قرية كذا وكذا وشهد اثنان أنه زنى بها في قرية كذا وكذا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا شهدوا على الزنى فاختلفوا في المواضع أقيم على الشهود حد الفرية ولا يقام الحد على المشهود عليه حد الزنى‏.‏

في الرجل يأمره الامام بإقامة حد

قلت‏:‏ أرأيت ان دعاني امام جائر من الولاة إلى الرجم وقال أني قد قضيت عليه بالرجم أو دعاني إلى قطع يده وقال أني قد قضيت عليه بقطع يده في سرقة أو في حرابة دعاني إلى قطع يده أو رجله أو إلى قتله وأنا لا أعلم ذلك إلا بقوله‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لهذا الذي أمر ان علم أنهم قضوا بحق أن يطيعهم في ذلك إذا علم أنهم قد كشفوا عن الشهود وعدلوا وعلم أنهم لم يجوروا فأرى أن يطيع وان علم غير ذلك فلا يطيع‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان الامام عدلا ممن يوصف بالعدل من الولاة أترى أن يطيعه إذا أمره ويقبل قوله‏؟‏

قال‏:‏ نعم ألا ترى أن عمر بن الخطاب أو عمر بن عبد العزيز لو قال لرجل اقطع يد هذا فأنا قد قضينا عليه بالسرقة أكان يسعه أن لا يفعل وقد عرف عدالتهما ألا ترى أن علي بن أبي طالب قد كان يضرب الحدود بأمر عمر بن الخطاب يأمره فيضرب ويقيمها ويأمر أبو بكر وعمر وعثمان بالرجم فيرجم الناس ولا يكشفونهم عن البينة وإنما ذلك على الوالي فإذا كان الوالي يعدل قد عرف الناس ذلك منه مع معرفتهم بمعرفة الامام بالسنة فلا يسع الناس أن يكفوا عما أمرهم به من إقامة الحدود والكشف في البينات على الامام دون الناس ففي هذا ما يكتفي به من معرفتهم وأما من عرف جوره فإن اتضح لك أنه حكم بحق في حد الله في صواب مع البينة العالة التي قامت فافعل ولا ينبغي ابطال الحدود وينبغي أن يطيعه في ذلك ألا ترى أنك تجاهد معهم‏.‏

في كشف الامام الشهود عن الشهادة في الزنى

قلت‏:‏ أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقال لهم القاضي صفوا الزنى فوصفه ثلاثة منهم وشهدوا على رؤيته وقال الرابع رأيته بين فخذيها ولم يشهد على الرؤية أيحدون كلهم أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يحدون كلهم ويعاقب الذي قال رأيته بين فخذيها لانه لم يشهد على الزنى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان شهد أربعة على رجل بالزنى فقال لهم القاضي صفوا الزنى فقالوا لا نريد على هذا القول أيقبل شهادتهم‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك بقول مالك انه قال يكشفهم الامام فإن وجد في شهادتهم ما يدرأ به الحد درأه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أبوا أن يكشفوا شهادتهم‏؟‏

قال‏:‏ لا يقام الحد إلا بعد كشف الشهادة وذلك رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن درأ الامام الحد عن المشهود عليه ها هنا حين أبوا أن يكشفوا شهادتهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه إنما إذا درأ الحد عن المشهود عليه أقيم على الشهود حد الفرية‏.‏

في الشهادة على الشهادة في الزنى

قلت‏:‏ أرأيت أربعة شهدوا على شهادة أربعة في الزنى أتقبل شهادتهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن شهد على شهادة الاربعة رجلان أو ثلاثة‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن تقبل شهادتهم لان الحد إنما يقام بشهادتهم فلا يقام الحد بأقل من أربعة‏.‏

قلت‏:‏ فإن شهدوا على شهادتهم وهم اثنان أو ثلاثة كما ذكرت لك أتجلدهم حد الفرية في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم أحدهم حد الفرية لانهم قذفه في رأيي‏؟‏

قال‏:‏ وان شهد اثنان على اثنين واثنان على اثنين رجمته ولو شهد ثلاثة على ثلاثة واثنان على واحد رجمته لان الحد قد تم بأربعة شهود في الأمرين جميعا فلا يرجم حتى تستكمل الشهادة أربعة بأبدانهم أو شهد أربعة شهدوا على جميعهم فإن تفرقوا كما وصفت لك فلا تجوز شهادة واحد على واحد ولا ثلاثة على ثلاثة حتى يشهد على الواحد اثنان‏.‏

في شهادة السماع في الزنى والحدود

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لرجل سمعت فلانا يشهد أنك زان أيحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وغير واحد من أهل العلم لو أن رجلا قال لرجل ان فلانا يقول لك يا زان انه ان أقام البينة أن فلانا قال له ذلك بريء وإلا أقيم على هذا القائل الحد قال ابن القاسم وأما هذا الذي يقول سمعت فلانا يشهد أنك زان فإنه يضرب الحد عندي إلا أن يقيم البينة على ما قال وذكر‏.‏

قلت‏:‏ والبينة الذين شهدوا على شهادة غيرهم ان قالوا نحن نقيم البينة على أن القوم أشهدونا‏؟‏

قال‏:‏ ان أقاموا البينة أربعة سواهم على شهادة أربعة أشهد وهم سقط الحد عن الشهود الاولين ويرجم المشهود عليه أو يجلد ان كان بكرا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت شهادة السماع هل يجيزها مالك‏؟‏

قال‏:‏ سئل مالك عن رجل سمع رجلا يقذف رجلا والمقذوف غائب أترى أن يشهد له‏؟‏

قال‏:‏ نعم يشهد له إذا كان معه غيره‏.‏

قلت‏:‏ ليس هذه الشهادة على السماع إنما الشهادة على السماع الشهادة على الشهادة يمر الرجل بالرجل فيسمعه يقول أشهد أن لفلان على فلان كذا وكذا درهما ولم يشهده ثم يحتاج إلى شهادة هذا المار الذي سمع ما سمع ولم يكونوا أشهدوه‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يشهد إلا أن يكون أشهده الرجل‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسئل عن الرجلين يتنازعان في الامر فيقر بعضهم لبعض بشيء فيمر رجل بهما فيسمعهما يتكلمان في ذلك ولم يحضراه للشهادة ولم يشهداه أترى أن يشهد عليهما‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يشهد عليهما‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فالرجلين يحضرهما الرجلان في الامر بينهما يقولان لهما لا تشهدا علينا بشيء فإنا نتقارر بأشياء فيتكلمان فيما بينهما ويقران بأشياء ثم يتفرقان ويجحد كل واحد منهما صاحبه أو أحدهما فيريدان أن يشهدا فيما بينهما أترى لهما أن يشهدا‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن لا يعجلا وان يكلماهما فإن أصرا على ذلك وجحدا رأيت أن يشهدا عليهما‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فالرجل يسمع الرجل يقذف الرجل أترى أن يشهد له‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان معه غيره فهذا ما قال لنا مالك في هذا‏.‏

ومما يدلك على أن مالكا لا يرى شهادة السماع التي وصفت إذا لم يشهدوه أن مالكا قال في الذي مر فسمع رجلا ينازع رجلا فيقر بعضهما لبعض بشيء ولم يحضراه لذلك ولم يشهداه انه أمره أن لا يشهد وكذلك إذا سمع رجلا يشهد على رجل فهو سواء قال ابن القاسم وأنا أرى لو أن رجلا استقصى في مثل هذا سماع ما يتقار به الرجلان بينهما أو يتذاكرانه من أمرهما فشهد ذلك من أمرهما واستقصاه وان لم يشهداه فأرى أن يشهد بذلك إذا كان على مثل ما وصفت لك وإنما الذي كره من ذلك ولم يجز ما مر به الرجل من كلام الرجل فسمعه فلا يدري ما كان قبله ولا ما كان بعده وإنما بعض ذلك كله من بعض فهذا الذي كره ولا ينبغي له أن يشهد في مثل هذا ولا ينبغي للقاضي أن يجيز شهادة مثل هذا إذا شهد بها عنده‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل شهد على رجلين في حق فنسي بعض الشهادة وذكر بعضها أترى أن يشهد فقال مالك لا إذا لم يذكرها كلها فلا يشهد فهذا مما يدلك على أن المار الذي يسمع ولم يشهداه لا يشهد لان الرجل قد يتكلم بالشيء ويكون الكلام قبله أو بعده مما لا تقوم الشهادة إلا به أو تسقط الشهادة عن المشهود عليه به وان أفرد هذا الكلام وحده كانت شهادة فهذا مما يدلك على أنه لا يجوز إلا أن يشهد على ذلك ويحضر لذلك‏.‏

في اختلاف الشهادة في الزنى

قلت‏:‏ أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى ألا أنهم مقرون أن شهادتهم ليست على فعل واحد أيحد الشهود في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يحدون عند مالك إذا لم يشهدوا على فعل واحد لانهم لو شهد كل واحد منهم على زنا على حدة لحدوا كلهم وإنما يقام الحد على المشهود عليه إذا شهدوا على زنا واحد‏.‏

في القاذف يقذف وهو يحد

قلت‏:‏ أرأيت الذي يقذف رجلا فلما ضرب أسواطا قذف آخر أو قذف الذي بجلده‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يضرب الحد ثمانين مبتدأ ذلك من حين يقذف ولا يعتد بما مضى من الاسواط‏.‏

قلت‏:‏ وافتراؤه عندك على هذا الذي يجلد له وافتراؤه على غيره سواء بعد ما قد ضرب أسواطا‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهو على ما وصفت لك في هذا كله‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولو أن رجلا قذف رجلا بحد فضرب له ثم إذا قذفه بعد ذلك ضرب له أيضا فكذلك هذا عندي يبتدأ به‏.‏

في شهادة القاذف والكتاب عليه بالقذف

قلت‏:‏ أرأيت القاذف متى تسقط شهادته عند مالك إذا قذف أم حتى يجلد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في القاذف إذا عفا المقذوف عن القاذف جاز عفوه إذا لم يبلغ السلطان فإن أراد المقذوف أن يكتب عليه بذلك كتابا متى ما أراد أن يقوم عليه بذلك فذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون العفو على أنه متى ما بدا لي قمت في حدى في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ألا ترى أن مالكا قال يكتب بذلك كتابا أنه متى ما شاء أن يقوم به قام به وشهادته جائزة حتى يقوم به وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن مات والكتاب عليه فأراد ولده أن يقوموا عليه بحد أبيهم بعده أيكون ذلك لهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى لهم أن يقوموا بذلك‏؟‏

قال‏:‏ ويدلك على أنه لا تسقط شهادته إلا بعد الضرب ألا ترى أنه لو عفا عنه ولم يضربه وكان القاذف رجلا صالحا كانت شهادته جائزة وإنما ترد شهادته لو ضرب الحد فذلك الذي لا تقبل شهادته حتى يحدث توبة وخيرا مثل ما وصفت لك من قول مالك‏.‏

جامع اجتماع الحدود وكيف يضرب

قلت‏:‏ لابن القاسم أي الحدود أشد ضربا في قول مالك الزاني أم الشارب أم حد الفرية‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ضربهم كلهم سواء‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ويضرب في هذا كله ضربا غير مبرح ضربا بين الضربين ليس بالموجع ولا بالخفيف‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا قذف وسكر أو شرب الخمر ولم يسكر جلد الحد حدا واحدا وان كان قد سكر جلد حدا واحدا لأن السكر حده حد الفرية لانه إذا سكر افترى فحد الفرية يجزئه منها ألا ترى أنه لو افترى ثم افترى وضرب حدا واحدا كان هذا الحد لجميع تلك الفرية وكذلك السكر والفرية إذا اجتمعا دخل حد السكر في الفرية والخمر يدخل في حد السكر ألا ترى أنه لا يسكر منها حتى يشربها فلما كان حد السكر داخلا في حد الفرية علمنا أن حد الخمر أيضا داخل في حد السكر لأنه لا يسكر منها إلا بعد أن يشربها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وان اجتمع عليه حد الزنى وحد الفرية أقيم عليه حد الزنى وحد الفرية جميعا‏؟‏

قال‏:‏ وان اجتمع عليه جلد حد الزنى وحد الخمر أقيما عليه جميعا‏.‏

قلت‏:‏ أيتابع الامام بين الحدين أم يحبسه بعد ضرب حد الزنى حتى إذا خف من ضربه ذلك ضربه حد الفرية‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن ذلك إلى الامام عند مالك يرى في ذلك رأيه ويجتهد ان رأى أن يجمعهما عليه جمعهما وان رأى أن لا يجمعهما عليه ورأى أن يفرقهما فذلك إليه وإنما هذا على اجتهاد الامام لان مالكا قال في المريض الذي يخاف عليه ان أقيم عليه الحد أنه يؤخر حتى يبرأ من مرضه فهذا إذا ضرب أول الحدين ان كان يخاف عليه ان ضرب الحد الثاني أن يموت أخره الامام ولم يضربه وكذلك ذكر مالك في الذي يخاف عليه من البرد ان هو أقيم عليه الحد فإنه يؤخره ولا يضرب ويسجن وإنما قال في البرد في القطع وليس في الضرب‏؟‏

قال‏:‏ والضرب عندي بمنزلة القطع في البرد ان خيف عليه والحر عندي بمنزلة البرد في ذلك كله‏.‏

قلت‏:‏ ويضرب حد الزنى عند مالك قبل ضرب حد الفرية إذا اجتمعا على الرجل جميعا لان حد الزنى لا عفو فيه على حال وحد الفرية فيه العفو قبل أن ينتهي به صاحبه إلى الامام‏؟‏

قال‏:‏ أحب ذلك إلي أن يبدؤا بحد الزنى‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع من مالك فيه شيئا لان حد الفرية قد جاء فيه بعض الاختلاف ان العفو فيه جائز وإن انتهى إلى الامام وقد كان مالك يقوله مرة ثم نزع عن ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت حد الفرية إذا عفا فيه المقذوف فقام عليه رجل من الناس فأقام البينة عند الامام أنه قد قذف فلانا اتحده في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

في القذف يقوم به أجنبي

قلت‏:‏ أرأيت ان قذف رجل رجلا والمقذوف غائب فقام أجنبي من الناس يطلب أن يأخذ للغائب بالقذف ورفعه إلى الامام أيضربه الامام الحد في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا ولا يمكن من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لم أليس هذا حدا من حدود الله وقد بلغ الامام‏؟‏

قال‏:‏ هذا حد للناس لا يقوم به عند الامام إلا صاحبه‏.‏

في هيئة ضرب الحدود

قلت‏:‏ أرأيت الضرب في الحدود والتعزيز هل يرفع يده أو يضم عضده إلى جنبه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال ضربا غير مبرح ولا أدري ما رفع اليد ولا ضم العضد إلى جنبه ولم أسمع من مالك فيه شيئا‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجزئ القضيب أو الدرة أو الشراك أو نحو ذلك مكان السوط في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع مالكا يقول في الحدود إلا السوط‏.‏

قلت‏:‏ فدرة عمر بن الخطاب‏؟‏

قال‏:‏ إنما كان يؤدب بها الناس فإذا وقعت الحدود قرب السوط‏.‏

في الحامل يجب عليها الحد

قلت‏:‏ أرأيت البكر الحامل من الزنى اتحدها وهي حامل أم تؤخر حتى تضع حملها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يؤخرها حتى تضع حملها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإذا وضعت أتضربها أم حتى يجف دمها وتتعالى من نفاسها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال في المريض إذا خاف عليه أن لا يعجل عليه ويؤخر ويسجن فأرى النفاس مرضا من الامراض وأرى أن لا يعجل عليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا كان حدها الرجم وهي حامل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك تمهل حتى تضع ما في بطنها‏.‏

قلت‏:‏ فإذا وضعت ما في بطنها‏؟‏

قال‏:‏ فإن أصابوا للصبي من يرضعه أقيم عليها الحد ولم تؤخر وان لم يصيبوا للصبي من يرضعه لم يعجل عليها حتى ترضع ولدها ألا ترى أنهم إن لم يصيبوا للصبي من يرضعه أنهم ان رجموها وتركوا الصبي مات فتكون قد كففت عنها وهي حامل لمكان الصبي وقد قتلته بعد الولادة بتركك إياه بلا رضاع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت امرأة زنت فقالت أنا حبلى أيعجل عليها بالرجم أو بالجلد أم لا‏؟‏ في قول مالك وكيف ان كان الشهود بالزنى أربعة عدول شهدوا أنهم رأوها تزني منذ شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر فقالت أنا حبلى فلا تعجلوا علي‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن ينظر إليها النساء فإن كانت على ما قالت لم يعجل عليها وإلا أقيم عليها الحد‏.‏

في المرأة يشهد عليها بالزنى فتقول أنا عذراء أو رتقاء

قلت‏:‏ أرأيت المرأة إذا شهد عليها بالزنى أربعة عدول فقالت أنا عذراء أو رتقاء أتريها للنساء في قول مالك أم لا‏؟‏ وكيف ان نظر إليها النساء فقلن هي عذراء أو رتقاء‏؟‏

قال‏:‏ يقام عليها الحد ولا يلتفت إلى قولهن لان الحد قد وجب‏؟‏

قال‏:‏ وقد قال مالك في الجارية البكر يتزوجها الرجل فتقول قد مسني ويقول لم أمسها ويشهد النساء أنها بكر قال مالك إذا أرخيت عليهما الستور صدقت عليه ولا يكشف الحرائر عن مثل هذا ولا تورى الحرة في مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ ولا يرى مالك أن يدفع حدا قد وجب بشهادة النساء إذا كان ذلك الشيء مما تجوز شهادة النساء فيه وهن لم يشهدن على أحد إنما شهدن على أنها رتقاء أو بكر وهذا مما لا يشهد عليه إلا النساء وهل يشهد ها هنا غيرهن فكيف يقيم الحد وشهادة النساء ها هنا فيما تجوز شهادتهن فيه تبطل الحد‏؟‏

قال‏:‏ لا أعرف أن شهادتهن تجوز ها هنا‏.‏

في المرأة يشهد عليها بالزنى فتدعي الحمل وزوجها غائب أو تزني وهي حامل وفي نفي الولد بلا لعان ولا استبراء

قلت‏:‏ أرأيت أربعة شهدوا على امرأة بالزنى فقالوا نشهد أنها زنت منذ أربعة أشهر فقالت أنا حامل وشهد النساء أنها حامل فأخرها الامام حتى وضعت ما في بطنها ثم رجمها فقدم زوجها فانتفي من ولدها أيكون ذلك له أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ان كانت هي قد قالت قبل أن ترجم ان الولد ليس لزوجي صدق الزوج عند مالك ودفع الولد عن نفسه بلا لعان إذا قالت المرأة قد كان استبرأني قبل أن أحمل هذا الحمل وإنما هذا الحمل من غيره لانه كف عني وحضت حيضا وادعى الزوج مثل ما قالت المرأة فهذا الولد يدفعه الزوج عن نفسه بلا لعان وان لم تقل المرأة قبل موتها ما ذكرت لك من الاستبراء وادعى الزوج الاستبراء أو نفاه فلا بد للزوج من اللعان لينفي به الولد عن نفسه ولا ينفيه ها هنا إلا باللعان لان مالكا سئل عن الرجل يتزوج المرأة فيظهر بها حمل قبل أن يدخل فيقول الزوج ليس مني وتصدقه المرأة أنها زنت وأنه لم يطأها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا لسان بينهما ولا يلحق به الولد ويقام عليها الحد قال ابن القاسم وان كانت بكرا جلدت الحد وكانت امرأته ولم يكن الولد ولده وهي امرأته ان شاء طلق وان شاء أمسك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قدم الزوج في مسئلتي التي سألتك عنها وقد رجمت المرأة ولم تقل شيئا فقال الزوج ليس الولد ولدي ولم يدع الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ يلتعن وينفي الولد‏.‏

قلت‏:‏ أو ليس من قول مالك ان من لم يدع الاستبراء فنفي الولد ضرب الحد وألحق به الولد‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن قال لي مالك إذا رأى الرجل امرأته تزني وان كان في ذلك يطؤها لا عن ونفي الولد عنه ولم يضره ما أقربه من الوطء قبل ذلك إلا أن يطأ بعد لرؤية فإنه إن وطىء بعد لرؤية أكذب قوله وجلد الحد وألحق به الولد‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت حاملا من زوجها فكانت في تسعة أشهر ثم زنت فقال رأيتها تزني اليوم وما جامعتها منذ رأيتها تزني‏؟‏

قال‏:‏ يلتعن ويلحق به الولد إذا كان حبلها بينا مشهودا عليه أو مقرى به قبل ذلك لانه لا ينتفي من الحمل وإنما رآها تزني اليوم فقد صار ان لم يلتعن قاذفا لها وألحق به الولد فهذا الذي أخبرني عنه غير واحد من أصحابه ممن أثق به‏.‏

في العبد تجب عليه الحدود ويشتعل ثم يعلم أنه قد كان عتق قبل ذلك

قلت‏:‏ أرأيت ان أعتقت عبدي ولم يعلم بعتقي إياه وكنت عنه غائبا أو حاضرا إذا شهدت الشهود على عتقه فزني أيقام عليه حد الحر أم حد العبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقام عليه حد الحر ولا يلتفت في ذلك إلى معرفة العبد‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان شرب الخمر أو افترى أقيم عليه حد الحر‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وحد العبد في الخمر والمسكر والفرية أربعون جلدة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن افتري عليه رجل وهو لا يعلم بعتق سيده إياه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يضرب قاذفه الحد‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك القصاص له وعليه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت شهادة النساء على عتق هذا العبد أتجوز‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادة النساء في العتق‏.‏

قلت‏:‏ فهل تجوز شهادة النساء في الأنساب‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن ذلك فقال لا تجوز شهادة النساء في الأنساب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا شهد الشهود ان هذا الرجل قد أعتق عبده هذا منذ سنة وكان الشاهدان غائبين وقد قذفه رجل والسيد ينكر عتقه‏؟‏

قال‏:‏ تجوز شهادتهم ويجلد قاذفه لان عتق العبد قد كان منذ سنة وبذلك شهدت البينة‏.‏

قلت‏:‏ أو ليس إنما يعتقه الساعة‏؟‏

قال‏:‏ إنما أحول بين السيد وبينه الساعة وأجعل عتقه يوم أعتقه سيده‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان قد طلق امرأته تطليقتين جعلت له عليها تطليقة أخرى إذا كان طلاقه إياها من بعد العتق‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا في كسبه وحده فإنه إن كان عمل للسيد بعد العتق أو خارج له أو كاتبه فأخذ السيد منه مالا ثم قامت البينة أنه أعتقه منذ سنة كان للسيد ما أخذ قبل ذلك إذا كان السيد منكرا للعتق وسقط عنه ما بقي عليه من يوم يقضي له بالعتق‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعل مالك كسبه هكذا ولم يجعل ما سوى ذلك بمنزلة كسبه‏؟‏

قال‏:‏ سئل مالك عنها فقال في كسبه مثل ما قلت لك لان كسبه بمنزلة خدمته ولو لم يجعل كسبه كما أخبرتك لجعل له أن يرجع على سيده بخدمته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذمي يقتل الذمي أيقتل به في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان جرحه أو قطع يده أو رجله أيقتص له في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ما تظالم به أهل الذمة بينهم أخذ ذلك من بعضهم لبعض‏.‏

قلت‏:‏ ولا يقبل في ذلك شهادة أحد من أهل الكفر‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا تقبل شهادة أحد من أهل الكفر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النصراني يسرق من النصراني أو من المسلم فتقوم عليه بينة من المسلمين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقطع‏.‏

في الرجل يفضي امرأته أو أمته أو يغتصب حرة أو يزني بها فيفضيها

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يأتي امرأته فيفضيها ماذا عليه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يدخل بامرأته البكر فيقتضها ومثلها يوطأ فتموت من جماعه قال إذا علم أنها ماتت من جماعة كانت عليه الدية تحملها العاقلة‏؟‏

قال‏:‏ فأرى في مسئلتك أن يكون على الزوج الذي أفضاها ما شأنها به‏؟‏

قال‏:‏ وقد جعل بعض الفقهاء فيها ثلث الدية والذين جعلوا فيها ثلث الدية إنما جعلوها بمنزلة الجائفة‏.‏

قلت‏:‏ أفتحملها العاقلة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ من رأى أن في ذلك ثلث الدية حملتها على العاقلة وأنا أرى في ذلك الاجتهاد فإن بلغ الاجتهاد في ذلك ثلث الدية فصاعدا حملتها العاقلة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كان قد زنى بها فأفضاها واغتصبها فأفضاها‏؟‏

قال‏:‏ أما التي أمكنته من نفسها فلا شيء لها وأما التي اغتصبت فعليه صداقها وما شانها به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا جامع أمته فأفضاها أتعتق عليه‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل يضرب عبده على وجه الأدب فيفقأ عينه أيعتق عليه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يعتق عليه فمسألتك مثل هذا وإنما يعتق على سيده ما كان على وجه العمد‏.‏

قلت‏:‏ أو ليس قول مالك فيمن أفضى زوجته أنه ان شاء أمسك وان شاء طلق‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وما كنا نشك أنها زوجة من الأزواج ان شاء طلق وإن شاء أمسك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يأتي المرأة في دبرها زنا ولم يجامعها في فرجها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك هو وطء يغتسل منه قال عبد الرحمن بن القاسم وأرى فيه الحد قال الله تبارك وتعالى أنكم لتأتون الفاحشة قال فقد جعله الله وطأ وقال الله تعالى انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء وقال تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم وقال تعالى واللذان يأتيانها منكم فجعله ها هنا فاحشة وها هنا فاحشة فأراه قد سمي هذا كما سمى هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان جامعها فأفضاها وهي مغتصبة أيكون عليه مع الصداق ما أفضاها يدخل بعض ذلك في بعض في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أفضاها وقد اغتصبها فعليه الصداق وعليه ما يجب عليه في الافضاء مع الصداق ولا يدخل بعض ذلك في بعض لان مالكا قال في رجل أوضح رجلا فسقطت عينه من ذلك ان عليه ما عليه في الموضحة وعليه دية العين فلا يدخل بعض ذلك في بعض وكذلك الافضاء‏.‏

فيمن قذف صبية لم تحض

قلت‏:‏ أرأيت لو أن صبية لم تحض ومثلها يجامع وأمكنت نفسها من رجل فجامعها حراما فأقمت الحد على الرجل ثم ان الجارية حاضت فقذفها رجل بعد ما حاضت أيجلد قاذفها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يجلد قاذفها لان الفعل الذي فعلته في الصبا لم يكن بزنا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قذف صبية مثلها يجامع إلا أنها لم تحض فقذفها رجل بالزنى‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان مثلها يجامع فعلى قاذفها الحد وان لم تحض‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان غلاما قد بلغ الجماع إلا أنه لم يحتلم فقذفه رجل أيقام على قادفه الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ليس عليه الحد‏.‏

في المولى يجامع فيما دون الفرج

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يولى من امرأته فيجامعها في دبرها أو فيما دون الفرج أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أما من جامع في الدبر فقد حنث لان مالكا جعله جماعا وإذا حنث وجبت الكفارة وسقط الايلاء وأما من جامع فيما دون الفرج فإن مالكا سئل عن رجل حلف أن لا يطأ جاريته شهرا أيجامعها فيما دون الفرج فسئل مالك عنها وأنا بالمدينة فقال له ان كانت لك نية أنك أردت الفرج بعينه فلا أرى عليك شيئا وإلا فإني أراك حانثا لان الرجل إذا حلف على هذا إنما وجه ما يحلف عليه أن يجتنبها فإن كانت له نية فهو ما نوى وإلا فهو حانث‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال في رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يجامعها شهرين أو ثلاثة فجامعها فيما دون الفرج أتراه قد حنث فقال له مالك كما فسرت لك عنه في الجارية التي سمعت منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي جامع فيما دون الفرج وقد كان آلى ولم يكن له نية حين آلى فأوجبت عليه الكفارة في قول مالك أيسقط عنه الايلاء أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم نعم ان كفر سقط عنه الايلاء‏.‏

ومما يبين ذلك أنه لو كفر قبل أن يطأ لسقط عنه الايلاء فكيف إذا كفر للإيلاء‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا آلى من امرأته ثم كفر ولم يجامع أيسقط عنه الايلاء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عنها فقال لي نعم‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولكن الصواب من ذلك أن لا يكفر حتى يجامع فإن كفر قبل الجماع أجزأه وسقط عنه الايلاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي جامع في دبرها أيسقط عنه الايلاء وهو لم يكفر أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم لان هذا جماع عند مالك لا شك إلا أن يكون نوى الفرج بعينه حين حلف فلا تكون عليه كفارة في الدبر وهو مول بحاله‏.‏

في إقامة الحدود على أهل الكفر

قلت‏:‏ أرأيت الكافرين إذا زنيا أيقيم عليهما مالك الحد حد الزنى‏؟‏

قال‏:‏ لا وأرى أن يردهما إلى أهل دينهما وينكلهما الامام إذا أعلنا بذلك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا وجد الامام أهل الكتاب سكارى أو على زنا تركوا إلا أن يظهروا ذلك فيعاقبوا‏.‏

في الشهود على الزنى يقولون أثبتنا النظر وتعمدنا ذلك والمشهود عليه يزعم أن الشهود عبيد

قلت‏:‏ أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقالوا تعمدنا النظر إليهما لتثبيت الشهادة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ثم قال وكيف يشهد الشهود إلا هكذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقال المشهود عليه هم عبيد وقال الشهود بل نحن أحرار على من البينة أنهم أحرار‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وسئل عن رجل قذف رجلا فقال له يا زان أو يا بن الزانية فقال القاذف لا تعجل علي لعله عبد فسأله البينة على أنه حر أو أمه حرة والرجل المقذوف لا يعرف ولا تعرف أمه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يضرب القاذف الحد ولا يلتفت إلى قوله إلا أن تكون له بينة ثم قال لي ومن يعرف البصري أو الشامي أو الافريقي ها هنا بالمدينة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك والظالم أحق أن يحمل عليه وكذلك مسألتك في الزنى‏.‏

قلت‏:‏ وأصل الناس عند مالك في الشهادات كلها أحرار إلا أن يقيم المشهود عليه البينة أنهم عبيد‏؟‏

قال‏:‏ نعم أصلهم أحرار فيما قال لي مالك في الزنى إلا أن يدعي مدع أنهم عبيد فعليه أن يقيم البينة أنهم عبيد إذا ادعى الشهود أنهم أحرار‏؟‏

قال‏:‏ والناس أصلهم أحرار في كل شيء فإن ادعى القاذف أمرا قريبا من بينته ان المقذوف عبد أو أمه أمة لم يعجل عليه وان ادعى بينة بعيدة جلد الحد ولم يلتفت إلى قوله فإن أقام بعد الضرب البينة سقط عنه الجرحة وجازت شهادته‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكون للمضروب من أرش الضرب شيء‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له في الارش شيئا‏.‏

في القاضي يتعمد الجور أو يخطئ في القضية

قلت‏:‏ أرأيت القاضي إذا قطع أو رجم وقطع الايدي وضرب الرجال فقال بعد ذلك حكمت بالجور‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ما تعمد الامام من جور فجار به على الناس انه يقاد منه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب من أنفسهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي إذا قضى بقضية فتبين للقاضي أنه قد أخطأ فيها أترى أن يردها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك نعم يردها وينقض قضيته تلك ويبتدئ النظر فيها قال مالك وقد فعل ذلك عمربن عبد العزيز‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فلو ولي غيره بعده القضاء أيردها أم لا‏؟‏ يردها قال مالك أما ما اختلف الناس فيه فلا ينقضه وأما ما كان من جور بين أو خطأ بين لم يختلف الناس في خطئه فإنه يرده ولا يمضيه‏.‏

في السيد يقيم على عبيده الحدود والقصاص والامام يشهد على الحدود

قلت‏:‏ أرأيت الحر هل يقيم على مملوكه حد الزنى والقذف والسرقة وشرب الخمر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يقيم ذلك كله عليهم إلا السرقة فإن السرقة لا يثبتها على العبد إلا الوالي ولا يقيم سيده عليه حد الزنى حتى يشهد على زنا العبد أربعة سواه‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان مع السيد ثلاثة شهدوا على العبد والسيد رابعهم عاينوا ذلك أيقيم عليه السيد حد الزنى في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يقيم عليه حد الزنى سيده إلا أن يرفع ذلك إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يقيم الحدود ويكون السيد ها هنا شاهدا‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الامام إذا شهد على حد من الحدود فكانت الشهادة لا تتم إلا بشهادة الامام لم يقم الامام ذلك الحد ولكن يرفع ذلك إلى الوالي الذي هو فوقه حتى يقيم ذلك عليه فيكون هو شاهدا‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في العبد إذا سرق وسيده شاهد عليه مع رجل آخر‏؟‏

قال‏:‏ إذا كان عدلين قطع الامام يده ولا يقطعه سيده دون أن يأتي الامام فالزنى عندي أيضا بمنزلة الوالي في القطع‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل تزني جاريته ولها زوج أنه لا يقيم عليها الحد وان شهد على ذلك أربعة سواه حتى يرفع ذلك إلى السلطان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت السيد إذا شهدت عنده الشهود على عبده بالسرقة فأقام الحد على عبده أيكون عليه شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا ينبغي له أن يفعل فإن فعل وكانت البينة عادلة وأصاب وجه القطع فأرى أن يعاقب على ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الامام إذا شهد على حد من الحدود أيرفع ذلك إلى قاض تحته فيقضي بشهادته أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سمعت مالكا يقول يرفع ذلك إلى من هو فوقه ان كان فوقه أحد وأنا أرى ان لم يكن فوقه أحد أن يرفعه إلى القاضي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القصاص في العمد أيقيمه السيد على عبده في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقيم السيد على عبده القصاص ولكن يرفعه إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يقتص وذلك إني سألت مالكا عن العبدين يكونان لرجل فيقطع أحدهما يد صاحبه أللسيد ان يقطع يد الآخر الجاني أم ليس له ذلك وهما له جميعا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك له ان يأخذ من عبده لعبده ولكن لا يقتص هو دون السلطان ولكن يرفع ذلك إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يأخذ لعبده من عبده ولا يقتص هو دون السلطان وان كانا له جميعا قال ابن القاسم وذلك ان ناسا قالوا إذا كان العبدان له فإنه إنما يجرح ماله لماله فليس فيما بين العبدين إذا كان سيدهما واحدا قصاص فأبى مالك ذلك وقال ما أخبرتك‏.‏